کد مطلب:239553 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:141

هل الامام راغب فی هذا الأمر
و لكن هذا كله و سواه، لا یعنی أن الامام (ع) كان راغبا فی أی من الخلافة، أو ولایة العهد ؛ فان ما ذكرناه لا یبرر ذلك ؛ حیث انه لا یعدو عن أن یكون من الفوائد التی كان یمكن الحصول علی بعضها



[ صفحه 307]



من دون الدخول فی هذا الأمر . و البعض الآخر لا یساوی فی أهمیته و خطره، ما سوف یجره الدخول فی هذا الأمر من مآس و مشاكل، و ما سوف یترتب علیه من آثار سیئة و خطیرة .

و قد قدمنا فی الفصل السابق البیان الكافی و الوافی، لما سوف یعترض طریق الامام (ع) من عقبات فی الحكم؛ لو أنه كان قبل عرض الخلافة، و كیف ستكون النهایة له، و لنظام حكمه ..

و هو یوضح لنا أیضا حقیقة حاله، و نظام حكمه لو أنه قبل ولایة العهد أیضا ؛ اذ أنه (ع) كان یعلم : أن وصوله للخلافة، و تسلمه لأزمة الحكم و السلطان تعترضه عقبات صعبة، و أهوال عظیمة، لن یكون من الیسیر التغلب علیها، و تجاوزها .

فلقد كان یعلم - كما أظهرت الأحداث و الوقائع بعد ذلك - أنه لن یسلم من دسائس المأمون و أشیاعه، بحیث یبقی محتفظا بحیاته، أو علی الأقل بمركزه، الی ما بعد وفاة المأمون، و لم یكن یشك فی أن المأمون سوف یقدم علی كل غریبة ؛ من أجل التخلص منه، و تصفیته، ان جسدیا، و ان معنویا ..

بل .. و حتی لو أن المأمون لم یقدم علی أی عمل، فان آماله بالبقاء علی قید الحیاة الی ما بعد وفاة المأمون، و هو بهذه السن المتقدمة، بالنسبة لسن المأمون .. كانت ضعیفة جدا، لا تبرر له الاقدام علی قبول مثل هذا الأمر، الا اذا كان یرید أن یعطی الناس انطباعا عن نفسه، بأنه لم یزهد بالدنیا، و انما الدنیا هی التی زهدت فیه، كما كان یرید المأمون !!!

و مع غض النظر عن كل ذلك .. فانه لو قدر له البقاء علی قید الحیاة الی ما بعد وفاة المأمون، فلسوف یصطدم بتلك العناصر القویة ذات النفوذ، و التی لن ترضی عن سلوكه فی الحكم بصورة عامة، و فوق



[ صفحه 308]



ذلك كله، لسوف یصطدم بمؤامرات العباسیین، و أشیاعهم، و الذین كانوا علی استعداد لأن یعملوا المستحیل للحیلولة بینه و بین ذلك، ولو تمكن من ذلك ؛ فلسوف لا یدخرون وسعا، و یجندون كل ما لدیهم من طاقة و قوة و حول ؛ من أجل زعزعة حكمه، و تقویض سلطانه، و خلق المشاكل الكثیرة له ؛ لتضاف الی ذلك الركام الهائل من المشاكل التی كانت تواجه الحكم ..

انهم سوف لا یمكنونه من قیادة الامة قیادة صالحة، و سلیمة و حكیمة ؛ و لیمنی - من ثم - بالفشل الذریع، و الخیبة القائلة ..

و لسوف یجدون هناك مرتعا خصبا لمؤامراتهم، و دسائسهم فی تلك الدولة المترامیة الأطراف، الطافحة بالمشاكل، و ذلك عندما یجدون أن الامام (ع) لن یرضی الا أن یحكم بحكم جدیة محمد (ص) و علی (ع) . و أن الناس بمختلف فئاتهم و طبقاتهم سوف لا یكونون مستعدین لنقبل حكم كهذا . و لا أن ینقادوا لحاكم یرید منهم ذلك، و یخضعوا لارادته، بعد أن كانوا قد اعتادوا علی حیاة الخلفاء الامویین، و العباسیین، الملیئة بالانحرافات و الموبقات ..

اللهم الا أن یقوم الامام (ع) فی فترة ولایة العهد، أو بدایة حكمه باعداد مسبق، و تعبئة عامة و شاملة، علی جمیع المستویات، و فی مختلف المجالات .. و لن یفسح العباسیون، و المأمون، و أشیاعهم له المجال للقیام بذلك الاعداد، و تلك التعبئة مهما كلفهم ذلك من تضحیات .